قضايا مع سماحة الشيخ تاج الدين الهلالي مفتي أستراليا
صفحة 1 من اصل 1
قضايا مع سماحة الشيخ تاج الدين الهلالي مفتي أستراليا
أكد سماحة الشيخ تاج الدين الهلالي مفتي أستراليا أن ضجة "اللحم المكشوف" كانت فاتحة خير على الجالية المسلمة في البلاد. وقال في حوار خاص ل المجتمع : إن ما حدث لي جزء من مؤامرة كبرى ضد الإسلام والمسلمين، ولكن الله رد كيدهم إلى نحورهم فلم يقدمني أحد للمحاكمة، رغم أنني طالبت بأن أُحاكم إذا كنت مخطئاً، فانسحب الجميع وعجزوا عن المواجهة.
وأشار في حواره مع المجتمع إلى أن إسهامه في الإفراج عن الرهينة الأسترالي الذي اختطف من قبل في العراق كان بدافع من ديني، وأكد أنه مازال يمارس مهمته في الدعوة والإفتاء في أستراليا، وأن الكلام عن طرده أ واستقالته كلام عارٍ من الصحة.
وأكد أن تقديم النموذج السلوكي العلمي بالقدوة الحسنة أفضل رد لتصحيح صورة الإسلام في الخارج، مشيراً إلى أننا للأسف أفشل محامين لأعدل قضية. ورحب الشيخ الهلالي بالحوار بين الأديان، وطالب بإنشاء مجلس إسلامي عالمي لمسلمي المهجر.
وقال: إن الحكومة الأسترالية تعترف بالإسلام ديانة ثانية، واللغة العربية كلغة ثانية تضاف لمجموع طلاب الثانوية، وقال: أن أستراليا تكفل لجميع أبنائها حرية العقيدة والفكر والدعوة، وإن الإسلام يضرب بجذوره منذ قديم الزمن في أستراليا، وأن الشعب الأسترالي شعب مسالم وطيب بفطرته، ويحتاج إلى دعاة يحسنون عرض الإسلام له.... وإلى تفاصيل الحوار:
بعد أن هدأت العاصفة ضدكم في أستراليا إزاء فتواك عن "عن حرمة اللحم المكشوف" نريد معرفة حقيقة موقف الأستراليين الآن من فضيلتكم بعد هذه الأزمة؟
أحب في البداية أن أؤكد لكم كما أكدت لوسائل الإعلام الأسترالية وغيرها أن خطابي في الأساس كان موجهاً إلى المرأة المسلمة؛ داعياً إياها إلى العفة والاحتشام والالتزام بالزي الإسلامي الساتر، وليس موجهاً إلى المرأة الأسترالية لأنه لا وصاية لنا عليها، إلا أن الإعلام أقحم المرأة الأسترالية في القضية وشنّ عليّ حملة مسعورة مكشوفة الأهداف باءت بالفشل والحمد لله، ولم تؤثر على مسيرة العمل الدعوي في أستراليا، بل كانت هذه الضجة الإعلامية فاتحة خير لنا كمسلمين في أستراليا؛ إذ إنها وحدت الجالية الإسلامية على قلب رجل واحد، والتف الجميع حول مركز الإفتاء، ورفضوا الوصاية والإرهاب الفكري، والتدخل السياسي لاستغلال الجالية الإسلامية لتحقيق مكسب سياسي رخيص في الانتخابات المقبلة. وأؤدي دوري ومهمتي كداعية وكمفتٍٍ، والحمد لله أحظى بحب المسلم والمسيحي واليهودي معاً.
وما يؤكد أنني على حق أن هناك في المجتمع الأسترالي نساءً من غير المسلمات المثقفات والمتعلمات ممن يؤيدن كلامي خرجن في تظاهرات صامتة تؤيد حشمة المرأة.
أحقاد دفينة
ما الأسباب الحقيقية وراء اتساع هذه الأزمة وتضخيم القضية على النحو الذي صوّرته وسائل الإعلام الغربية؟
لا يخفى على أحد من المسلمين أن الإسلام يحارَب بقوة في السنوات الأخيرة خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر، وأن هناك أحقاداً دفينة ًضد الإسلام والمسلمين، وهناك من يتربصون بأتباع الإسلام وخاصة في الغرب، ولابد أن نعترف جميعاً أن هناك مؤامرة معروفة الهوية ضدنا، والإعلام الغربي يغذيها ويضخمها، وما حدث من إثارة وضجة من حديثي عن العفة والحشمة، وضرورة تغطية اللحم المكشوف هو جزء من هذه المؤامرة، ولكن الله رد كيدهم في نحورهم، ونحن نقوم حالياً بعملنا ودورنا على ما يرام، وكل شيء يسير سيره الهادئ الطبيعي. ويكفي أن صحيفة دولية كبري نشرت دراسة عقب الضجة بعنوان: "فشلت المؤامرة وانتصرت إرادة الجالية المسلمة في أستراليا"، وأبرزت الأسباب الحقيقية وراء هذه الضجة التي تبين النية المبيّتة في التآمر على الإسلام والمسلمين.
غير صحيح
ما حقيقة إدانتكم أو المطالبة بمحاكمتكم قضائياً بعد الأزمة؟
هذه الكلام غير صحيح وغير منطقي. والحقيقة أنني أنا الذي طلبت عقد محاكمة لي إذا كنت قد أخطأت ولكنهم تراجعوا، وانسحب كل من كان يتحدث في هذا الأمر، وعجزوا عن مجرد عرض الكلام مرة أخرى لأنهم وجدوا أنني لم أخطئ في شئ، فإذا لم أتحدث عن حشمة المرأة المسلمة ودعوتها إلى الالتزام وأنا داعية إسلامي، فماذا أقول؟!
ما حقيقة الدعوات الأسترالية التي طالبت بطردكم من البلاد.. وهل فكرت بتقديم استقالتك من منصبك؟!
ما تردد بأنني طردت من أستراليا كلام غيرصحيح ولا يُرد عليه، فقد جئت إلى مصر في زيارتي العادية، وسأسافر خلال أيام إلى أستراليا للقيام بعملي المعتاد هناك، فأستراليا ليست مزرعة خاصة حتى يتم طرد أحد منها، ولست أعمل في مقهى عند أحد، وإنما أعمل في مؤسسة دعوية عند الله، يديرها زملاء أفاضل يعملون في الدعوة إلى الله، ولم أتلقّ دعماً أو معاشاً من أحد، لذلك فليست هناك وصاية لأحد عليّ، كما لا يملك أحد أن يجبرني على الاستقالة أو ترك العمل الدعوي، فقد أحببت العمل الدعوي وشرفني الله تعالى بالقيام به، ولن أترك هذا العمل حتى ألقى الله عز وجل.
الإفراج عن الرهينة
لا ينكر أحد من الأستراليين تدخلكم الشخصي في الإفراج عن الرهينة الأسترالي في العراق "دوجلاس وود" عقب اختطافه من إحدى الجماعات المسلمة، هل ما قمت به كان بدافع شخصي أم بتكليف من الحكومة الأسترالية؟
لقد قمت بهذا العمل بدافع من ديني، ورداً لجميل الدولة التي أعمل وأعيش فيها، وقد ذهبت إلى العراق رغم الأخطار التي تعرضت لها؛ إكراماً لأسرة الرهينة التي جاءتني تطلب مني مناشدة الجماعة المسلحة التي اختطفته عبر القنوات الفضائية بإطلاق سراحه، فقلت لهم: "إكراماً لحضوركم فسوف أتوجه بنفسي إلى العراق". وذهبت معتمداً على الله في هذه الرحلة، ووصلت إلى العراق قبل موعد قتله بست ساعات، وكنت بفضل الله سبباً في إنقاذ حياته، علماً بأنني تعرضت خلال هذه الرحلة للموت عدة مرات.
قضية الحجاب
بين الحين والآخر تطرح قضية الحجاب للتشكيك في فرضيته، بل نجد بعض المسؤولين والوزراء في بعض الدول العربية يسيء إلى الحجاب والمحجبات، فما تقول في ذلك؟!
هذا هو الإفلاس الفكري الذي تعاني منه الأمة الآن، حيث نجد من يشغلون الأمة بمسائل صغيرة وهامشية لتغطية الجرائم والمخالفات الكبيرة، ونجد البعض ممن يسعون للسلطة والرضا السياسي يثيرون خلافات في مسائل قطعية الثبوت والدلالة، من أجل تغطية العورات والسوءات والبلايا الخاصة بهم. ومحاولة التهوين أو الاستهانة بالحجاب إجرام يوجب العقوبة على من يشكك في ذلك؛ لأن الحجاب أمر إلهي لا مجال فيه للآراء الشخصية أو التقييم، وإنما يجب على المؤمنة المسلمة أن تنفذ هذا الأمر طاعة لله، ومن يشككون فيما فرضه الله على العباد أو المرأة المسلمة هم الجاهلون المنحلون.
التصريح بالفتوى
باعتباركم مفتي المسلمين في أستراليا، وتعرفون التخبط الذي تعيشه ساحة الإفتاء ما جعل بعض المؤسسات الدينية وبعض المفتيين الإسلاميين يطالبون بإصدار قانون يعاقب كل من يفتي بغير علم، وأنه لا يفتي في الدين إلا من يحصل على تصريح بالفتوى من جهة إسلامية معروفة.. فما رأيك في ذلك؟!
ما يحدث للفتوى والإفتاء في الأمة الإسلامية مصيبة كبرى؛ لذلك فأنا مع إصدار قانون يحرم ويعاقب كل من يفتي في الدين بغير علم؛ ومع المطالبين بضرورة منح تصريح بالفتوى من جهة رسمية معتمدة في الإفتاء، ولا يحمل هذا التصريح إلا من كان متمكناً في الفتوى وعلم الإفتاء، فلا يعقل أن تمنح التراخيص لمن يريد أن يعمل ميكانيكياً أو حلاقاً أو من يمارس مهمة الطب أو المحاماة، ولا نطلبها ممن يفتي في الدين الذي يصلح أمر الدين والدنيا للناس في الحياة!!
صلة أستراليا بالإسلام
نريد إلقاء الضوء على صلة أستراليا بالإسلام.. متى بدأت؟
أريد أن أقرر حقيقة مهمة وهي أن الإسلام ضارب في أعماق التربة الأسترالية منذ قديم الزمن، حيث تؤكد الأبحاث التاريخية أن المسلمين الأوائل وصلوا إلى أستراليا عن طريقة سلطنة مولاكو التي كانت أغني ممالك العالم في ذلك الوقت، ووصلوا إلى شواطئها عن طريق الجزر الإندونيسية، ولكنهم عادوا مرة أخرى، ربما لأنه لم تتوافر لديهم إمكانيات البقاء والحياة في هذه القارة، وتوجد لدينا بعض الدلائل التاريخية التي يعود تاريخها إلى "الإبروجنذ" وهم سكان أستراليا الأصليون تؤكد أن ثمة علاقات وروابط وصلات قد أخذها هؤلاء الشعب من أولئك المسلمين، وكان هذا قبل أن يكتشفها البحارة الإنجليزي (كوك) بمئات السنين.
كما تشير المصادر التاريخية في العصر الحديث إلى أن الأفغان قد وطئوا أرض قارة أستراليا مع بداية اكتشافها، وقد استعان بهم الإنجليز في شق الطرق وبناء السكك الحديدية لتشابه التضاريس الجغرافية بين أستراليا وأفغانستان، فسخروا الخبرة الأفغانية في اكتشاف هذا العالم الجديد، وبنى الأفغان عشرات المساجد في وسط وغرب أستراليا؛ حيث تعد أقدم المساجد في أستراليا هي المساجد التي بناها الأفغان في وسطها وخاصة في منطقة "أدليد بيرث"، ما يؤكد عمق وصلة ومعرفة أستراليا بالإسلام قبل وبعد اكتشافها منذ قرابة 200 عام.
مشكلات المسلمين
ماذا عن أهم المشكلات والعقبات التي تواجه الأقلية المسلمة في أستراليا.. وما دوركم في مواجهتها؟
أهم المشكلات والعقبات تتمثل في خوف العائلات والأسر المسلمة على الجيل الثاني المهدد بالضياع والذوبان، وذلك لوجود بعض السلبيات في القانون الأسترالي؛ حيث يمنح القانون الأبناء حق التصرف والانفصال عن عائلاتهم ببلوغ سن السادسة عشرة. وهذا القانون يطبق على جميع أبناء الديانات والعقائد بأستراليا دون استثناء، وليس قاصراً على أبناء المسلمين هناك، الأمر الذي يجعل بعض الأسر المسلمة تفكر جدياً في العودة إلى أوطانهم لينقذوا أبناءهم من ضياع الهوية الإسلامية، وحمايتهم من الذوبان في المجتمع الأسترالي بأفكاره وثقافاته المتعددة.
كما أن هناك مشكلة غاية في الأهمية تواجه الأسر المسلمة، وهي أن القانون الأسترالي يسمح للزوجة من أي ديانة أو عقيدة أن ترفع دعوى ضد زوجها إذا حدث شجار بينهما في المنزل، ويُحبس بدعوى أنه "تحرش" بها داخل البيت، كما يتيح القانون الأسترالي للزوجة رفع دعوى ضد زوجها الذي يريد ممارسة حقه الشرعي وهي لا ترغب في ذلك، ويعتبر القانون أن هذا اغتصاب، كما أنه إذا مات الزوج آلت الملكية كلها للزوجة، فهذه أهم المشكلات التي نعانيها كمسلمين.
أما عن دورنا في حل هذه المشكلات فيتمثل في إيجاد البيئة المسلمة بتعليم الأباء والأمهات، وتثقيف وتوعية أفراد الأسرة المسلمة وخاصة الآباء والأمهات، وتحذيرهم من الوقوع في مثل هذه الأخطاء حتى تدوم المودة والمحبة والسكينة في الأسرة المسلمة، ونحاول قدر الإمكان أن نواجه المشكلات الاجتماعية بين الأزواج والزوجات بشكل ودي بعيداً عن اللجوء إلى القضاء.
الوضع الدعوى
ما رؤيتكم لتقييم الوضع الدعوي والعمل الإسلامي في أستراليا في ظل الأوضاع والظروف الراهنة؟
من المعلوم أن أستراليا بلد يعترف بتعدد الحضارات، ونسيجها يتكون من 186 جنسية، وتعيش فيها الجالية الإسلامية كجزء من هذا النسيج الذي يتكون من 27جنسية، وتأتي الجالية العربية وفي مقدمتها لبنان حيث تمثل الشريحة الكبرى، بالإضافة إلى الأفغان والأتراك والمصريين.
ولابد من الاعتراف بحقيقة مهمة حتى نعطي الحق لأهله وهي أن أستراليا بلد ديمقراطي يكفل لجميع أبنائه والذين يعيشون فيها من الجنسيات الأخرى حرية العقيدة والفكر والدعوة. فليس لدينا كأقلية مسلمة أية مشكلة متعلقة ببناء المساجد أو المراكز أو المدارس الإسلامية، فقد تضاعف عدد المساجد أو المراكز في السنوات العشر الأخيرة من 86 مسجداً إلى 280 مسجداً ومركزاً، كما أن للمسلمين الحق في تعليم أبنائهم الدين الإسلامي في المدارس الحكومية الرسمية والسماح لنا بإنشاء مدارس إسلامية خاصة بنا، واعترفت رسمياً باللغة العربية كلغة ثانية يضاف مجموعها إلى مجموع طلاب الثانوية العامة في البلاد.
كما أن الحكومة الأسترالية تعتبر الدين الإسلامي الدين الثاني في أستراليا، فتقدم المساعدات الممكنة للمدارس الإسلامية، كما تقدم المنح السنوية للعاملين في مجال الخدمات الاجتماعية والإنسانية، وتدفع أجور العاملين في مكتب الإفتاء والدعوة وأفراد بعثة المراكز الإسلامية، لذلك فإنه لا توجد مشكلة في هذا الجانب، ويبقى أن يكون المسلمون هم في مستوى القدوة والمثل الأعلى في تطبيق الإسلام ومبادئه وأخلاقه بشكل عملي أمام الأستراليين غير المسلمين، وبذلك نكون قد قدمنا لغير المسلمين رداً عملياً على كل الاتهامات التي يتهم بها الإسلام والمسلمون زوراً وبهتاناً.
موقف أستراليا من الإسلام
أستراليا من الدول الغربية التي تأخذ موقفاً عدائياً من الإسلام والمسلمين بعد أحداث سبتمبر.. فهل تشعرون بذلك من خلال تعاملاتكم اليومية مع الشعب الأسترالي؟
الشعب الأسترالي شعب مسالم طيب بفطرته، وهو أرض خصبة للدعوة الإسلامية، ولكن لا ننفي وجود عنصرية لدى بعضهم، وهذه العنصرية لا تشكل اجتماعاً أو جمهوراً ولا تمثل خطورة على الإسلام أو المسلمين.
فالعداء للإسلام والمسلمين ليس من الشعب أو الحكومة الأسترالية بقدر ما هو في المؤسسات الإعلامية الصهيونية المعادية التي تريد أن تؤجج الصراع والخلاف وتنشر الأباطيل والشبهات والطعون والاتهامات الباطلة وتريد إلصاقها بالإسلام والمسلمين، وهذا ما يجب الالتفات إليه والتعامل معه بحكمه وعقلانية، والرد عليهم بنفس سلاحهم.
المرجعيات الدينية في أستراليا
ماذا عن المرجعيات الإسلامية التي يقصدها المسلمون في أستراليا في الأمور الدينية والاجتماعية والتعليمية؟
المرجعيات الإسلامية لدينا في أستراليا تتمثل في جمعيات إسلامية رسمية معروفة للحكومة الأسترالية وتعمل بتصاريح عمل رسمية، ومن مجموع هذه الجمعيات يتكون المجلس الإسلامي للولاية، ومن مجموع مجالس الولايات يتكون الاتحاد الأسترالي للمجالس الإسلامية الذي يتولى رئاسته والإشراف عليه 17شخصاً يتم انتخابهم بواسطة الكونجرس الإسلامي الذي تكون دورته أربع سنوات.
وتكون مهمة الاتحاد الأسترالي للمجلس الإسلامي منح التزكية للائمة للحصول على تراخيص مأذونية الزواج، كما يسهل مهمة استقدام أئمة للجاليات، كما يشرف على عمليات الذبح الإسلامي التي يتم تصديرها للبلاد الإسلامية، بالإضافة إلى النشاطات الدعوية والاجتماعية للمسلمين.
أما الكونجرس الإسلامي فهو الذي يتم من خلاله انتخاب المفتي الذي استمد منصبه لأول مرة في شهر 3 عام 1989 ميلادية، وقد شرفت بتولي هذا المنصب منذ ذلك التاريخ وحتى الآن. ومهمتنا الأساسية إفتاء المسلمين في أمور دينهم ودنياهم، وبيان وشرح حقيقة الإسلام والرد على كل الشبهات التي يتعرض لها بين الحين والآخر.
النهوض بالعمل الإسلامي
ما اقتراحكم للنهوض بالعمل الإسلامي في أستراليا؟
أطالب وأدعو إلى أهمية إنشاء مجلس إسلامي عالمي للأقليات الإسلامية في أوروبا يكون مقره إحدى دول الخليج، يضم هذا المجلس العلماء البارزين من المسلمين المهاجرين في دول الغرب، وفيهم قدرات وكفاءات وطاقات نادرة ومخلصة للإسلام والمسلمين، وهؤلاء قوة لا يستهان بها في التأثير على القرارات، ويقوم هذا المجلس بوضع خطة واستراتيجية عملية لتوحيد الطاقات والجهود المبذولة.
تجديد الخطاب الديني
قضية تجديد الخطاب الديني من القضايا التي طرحت بشدة في الآونة الأخيرة، ودخلت دول وجهات أجنبية على الخط للضغوط على الدول الإسلامية لتغير خطابها الديني بما يتفق مع سياستها وأهدافها.. فما رؤيتكم لهذه القضية. وهل نحن بحاجة إلى تغير خطابنا الديني المعاصر؟!
نريد التأكيد هنا على أن الإسلام ثابت في أصوله ومتغير في فروعة من الاجتهادات. والذي حث على أهمية اختيار الخطاب الديني بما يخدم المصلحة الدعوية هو سيد الدعاة محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال: "نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم". وقال صلى الله عليه وسلم : "حدثوا الناس بما يفهمونه"، فإن نحن أحسنا اختيار الكلمة المناسبة والحكم المناسب والفتوى المناسبة للزمان والمكان المناسب، فهذا يكون من صميم خطابنا الديني الإسلامي. فلا شك أن تجديد الخطاب الديني الإسلامي من أهم القضايا التي ينبغي الاهتمام بها في هذا التوقيت، وأنه لابد أن يتم ذلك بواقع من ذاتنا لا أن يفرض علينا ذلك.
ولا شك أن دعاتنا في الداخل والخارج يعانون من قصور في فهم فقه الواقع وفقه المهجر وأبجديات وأولويات الدعوة إلى الله، وعرض الإسلام على الآخر. ذلك أن الواقع الإسلامي يؤكد أننا أفشل محامين لأعدل قضية.
تصحيح المسار
برأيكم كيف يمكن تصحيح مسار العمل الإسلامي العام في الأمة داخلياً وخارجياً.. بالأسلوب الذي يجعل الآخرين من غير المسلمين يصححون أفكارهم الخاطئة حول الإسلام والمسلمين؟!
أفضل وسيلة لتحقيق ذلك أن نقدم الإسلام السلوكي العملي بالأسوة والقدوة الحسنة، فلسان حال خير من ألف مقال. فيجب علينا جميعاً في الداخل والخارج أن نقدم الدين الإسلامي وقيمة ومبادئه؛ صدقاً في أقوالنا وتنفيذاً عملياً؛ لأن مصيبة أمتنا أن نتكلم كثيراً ولا نفعل شيئاً. كما لابد أن نقدم الدعوة لهذا الدين إخلاصاً في أعمالنا ووفاءً لعهودنا ومواعيدنا مع أنفسنا ومع الآخرين. فان فعلنا كل ذلك سيأخذ الإسلام طريقه إلى القلوب. فقد انتشر الإسلام ووصل إلى ما وراء البحار عن طريق الدعوة والسلوك والمعاملة الحياتية. لذلك فنحن جميعاً كمسلمين أفراداً وجماعات في بلاد الأوطان وبلاد المهجر لا بد أن نكون رسل رحمة، وأن يعتبر كل واحد منا في نفسه سفيراً لدينه وممثلاً لرسوله صلى الله عليه وسلم . فلابد من أن نثق في الله تعالى، وأننا لابد أن نعلم أن الله لابد أن ينصر دينه ويظهره على الدين كله ولو كره الكافرون. ويجب أن نعلم أنه ما تغلب علينا غيرنا إلا بكثرة ذنوبنا وتقصيرنا في التمسك بديننا.
الحوار بين الأديان
فكرة الحوار بين الأديان طرحها الكثير من المؤسسات الإسلامية والمسيحية.. إلا أنها لم تحقق نتائج حتى الآن.. فما رؤيتكم لأهمية هذا الحوار وما المطلوب لنجاحه؟!
الحوار بين أهل الأديان أمر طيب، وندعو إليه ونحث عليه؛ ذلك أن الحوار مطلب إنساني. والقرآن الكريم يقص علينا نبأ حوارات تمت بين الله تعالى وإبليس اللعين، وهناك حوارات بين إبليس وأهل النار، وحوارات بين الأنبياء وأقوامهم، فالقرآن يؤمن بالحوار ويدعو إليه في كل الأوقات والأزمان. والمشكلة عندنا ننحن المسلمين ليست في الحوار بين الأديان، وإنما نحن مطالبون بتعريف غيرنا بإسلامنا وعقيدتنا، وأن نفرض أنفسنا على الآخر من خلال أخلاقنا وقيمنا ومبادئنا الإسلامية. وحتى يكون الحوار ناجحاً ومفيداً ومثمراً لابد أن يكون حواراً مشتركاً لا أن يكون حواراً من طرف واحد أو حواراً يهدف إلى التمييع أو التركيع!!
مستقبل الإسلام في أستراليا
كيف ترى مستقبل الإسلام في أستراليا؟
أنا متفائل جداً ليس بمستقبل الإسلام في أستراليا فقط، وإنما بمستقبله في بلاد الدنيا كلها. فالإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله للعالمين فقال تعالى: إن الدين عند الله الإسلام (آل عمران:19).
وأؤكد أن مستقبل الإسلام في أستراليا تحديداً مشرق. ولو توافر لنا دعاة رساليون يخلصون النية لله عز وجل، بعيداً عن التحجر والتقوقع والمذهبية والتعصب، لوجد الإسلام مساحة أوسع وطرقاً ممهدة إلى قلوب ملايين الأستراليين في زمن قصير.
وأشار في حواره مع المجتمع إلى أن إسهامه في الإفراج عن الرهينة الأسترالي الذي اختطف من قبل في العراق كان بدافع من ديني، وأكد أنه مازال يمارس مهمته في الدعوة والإفتاء في أستراليا، وأن الكلام عن طرده أ واستقالته كلام عارٍ من الصحة.
وأكد أن تقديم النموذج السلوكي العلمي بالقدوة الحسنة أفضل رد لتصحيح صورة الإسلام في الخارج، مشيراً إلى أننا للأسف أفشل محامين لأعدل قضية. ورحب الشيخ الهلالي بالحوار بين الأديان، وطالب بإنشاء مجلس إسلامي عالمي لمسلمي المهجر.
وقال: إن الحكومة الأسترالية تعترف بالإسلام ديانة ثانية، واللغة العربية كلغة ثانية تضاف لمجموع طلاب الثانوية، وقال: أن أستراليا تكفل لجميع أبنائها حرية العقيدة والفكر والدعوة، وإن الإسلام يضرب بجذوره منذ قديم الزمن في أستراليا، وأن الشعب الأسترالي شعب مسالم وطيب بفطرته، ويحتاج إلى دعاة يحسنون عرض الإسلام له.... وإلى تفاصيل الحوار:
بعد أن هدأت العاصفة ضدكم في أستراليا إزاء فتواك عن "عن حرمة اللحم المكشوف" نريد معرفة حقيقة موقف الأستراليين الآن من فضيلتكم بعد هذه الأزمة؟
أحب في البداية أن أؤكد لكم كما أكدت لوسائل الإعلام الأسترالية وغيرها أن خطابي في الأساس كان موجهاً إلى المرأة المسلمة؛ داعياً إياها إلى العفة والاحتشام والالتزام بالزي الإسلامي الساتر، وليس موجهاً إلى المرأة الأسترالية لأنه لا وصاية لنا عليها، إلا أن الإعلام أقحم المرأة الأسترالية في القضية وشنّ عليّ حملة مسعورة مكشوفة الأهداف باءت بالفشل والحمد لله، ولم تؤثر على مسيرة العمل الدعوي في أستراليا، بل كانت هذه الضجة الإعلامية فاتحة خير لنا كمسلمين في أستراليا؛ إذ إنها وحدت الجالية الإسلامية على قلب رجل واحد، والتف الجميع حول مركز الإفتاء، ورفضوا الوصاية والإرهاب الفكري، والتدخل السياسي لاستغلال الجالية الإسلامية لتحقيق مكسب سياسي رخيص في الانتخابات المقبلة. وأؤدي دوري ومهمتي كداعية وكمفتٍٍ، والحمد لله أحظى بحب المسلم والمسيحي واليهودي معاً.
وما يؤكد أنني على حق أن هناك في المجتمع الأسترالي نساءً من غير المسلمات المثقفات والمتعلمات ممن يؤيدن كلامي خرجن في تظاهرات صامتة تؤيد حشمة المرأة.
أحقاد دفينة
ما الأسباب الحقيقية وراء اتساع هذه الأزمة وتضخيم القضية على النحو الذي صوّرته وسائل الإعلام الغربية؟
لا يخفى على أحد من المسلمين أن الإسلام يحارَب بقوة في السنوات الأخيرة خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر، وأن هناك أحقاداً دفينة ًضد الإسلام والمسلمين، وهناك من يتربصون بأتباع الإسلام وخاصة في الغرب، ولابد أن نعترف جميعاً أن هناك مؤامرة معروفة الهوية ضدنا، والإعلام الغربي يغذيها ويضخمها، وما حدث من إثارة وضجة من حديثي عن العفة والحشمة، وضرورة تغطية اللحم المكشوف هو جزء من هذه المؤامرة، ولكن الله رد كيدهم في نحورهم، ونحن نقوم حالياً بعملنا ودورنا على ما يرام، وكل شيء يسير سيره الهادئ الطبيعي. ويكفي أن صحيفة دولية كبري نشرت دراسة عقب الضجة بعنوان: "فشلت المؤامرة وانتصرت إرادة الجالية المسلمة في أستراليا"، وأبرزت الأسباب الحقيقية وراء هذه الضجة التي تبين النية المبيّتة في التآمر على الإسلام والمسلمين.
غير صحيح
ما حقيقة إدانتكم أو المطالبة بمحاكمتكم قضائياً بعد الأزمة؟
هذه الكلام غير صحيح وغير منطقي. والحقيقة أنني أنا الذي طلبت عقد محاكمة لي إذا كنت قد أخطأت ولكنهم تراجعوا، وانسحب كل من كان يتحدث في هذا الأمر، وعجزوا عن مجرد عرض الكلام مرة أخرى لأنهم وجدوا أنني لم أخطئ في شئ، فإذا لم أتحدث عن حشمة المرأة المسلمة ودعوتها إلى الالتزام وأنا داعية إسلامي، فماذا أقول؟!
ما حقيقة الدعوات الأسترالية التي طالبت بطردكم من البلاد.. وهل فكرت بتقديم استقالتك من منصبك؟!
ما تردد بأنني طردت من أستراليا كلام غيرصحيح ولا يُرد عليه، فقد جئت إلى مصر في زيارتي العادية، وسأسافر خلال أيام إلى أستراليا للقيام بعملي المعتاد هناك، فأستراليا ليست مزرعة خاصة حتى يتم طرد أحد منها، ولست أعمل في مقهى عند أحد، وإنما أعمل في مؤسسة دعوية عند الله، يديرها زملاء أفاضل يعملون في الدعوة إلى الله، ولم أتلقّ دعماً أو معاشاً من أحد، لذلك فليست هناك وصاية لأحد عليّ، كما لا يملك أحد أن يجبرني على الاستقالة أو ترك العمل الدعوي، فقد أحببت العمل الدعوي وشرفني الله تعالى بالقيام به، ولن أترك هذا العمل حتى ألقى الله عز وجل.
الإفراج عن الرهينة
لا ينكر أحد من الأستراليين تدخلكم الشخصي في الإفراج عن الرهينة الأسترالي في العراق "دوجلاس وود" عقب اختطافه من إحدى الجماعات المسلمة، هل ما قمت به كان بدافع شخصي أم بتكليف من الحكومة الأسترالية؟
لقد قمت بهذا العمل بدافع من ديني، ورداً لجميل الدولة التي أعمل وأعيش فيها، وقد ذهبت إلى العراق رغم الأخطار التي تعرضت لها؛ إكراماً لأسرة الرهينة التي جاءتني تطلب مني مناشدة الجماعة المسلحة التي اختطفته عبر القنوات الفضائية بإطلاق سراحه، فقلت لهم: "إكراماً لحضوركم فسوف أتوجه بنفسي إلى العراق". وذهبت معتمداً على الله في هذه الرحلة، ووصلت إلى العراق قبل موعد قتله بست ساعات، وكنت بفضل الله سبباً في إنقاذ حياته، علماً بأنني تعرضت خلال هذه الرحلة للموت عدة مرات.
قضية الحجاب
بين الحين والآخر تطرح قضية الحجاب للتشكيك في فرضيته، بل نجد بعض المسؤولين والوزراء في بعض الدول العربية يسيء إلى الحجاب والمحجبات، فما تقول في ذلك؟!
هذا هو الإفلاس الفكري الذي تعاني منه الأمة الآن، حيث نجد من يشغلون الأمة بمسائل صغيرة وهامشية لتغطية الجرائم والمخالفات الكبيرة، ونجد البعض ممن يسعون للسلطة والرضا السياسي يثيرون خلافات في مسائل قطعية الثبوت والدلالة، من أجل تغطية العورات والسوءات والبلايا الخاصة بهم. ومحاولة التهوين أو الاستهانة بالحجاب إجرام يوجب العقوبة على من يشكك في ذلك؛ لأن الحجاب أمر إلهي لا مجال فيه للآراء الشخصية أو التقييم، وإنما يجب على المؤمنة المسلمة أن تنفذ هذا الأمر طاعة لله، ومن يشككون فيما فرضه الله على العباد أو المرأة المسلمة هم الجاهلون المنحلون.
التصريح بالفتوى
باعتباركم مفتي المسلمين في أستراليا، وتعرفون التخبط الذي تعيشه ساحة الإفتاء ما جعل بعض المؤسسات الدينية وبعض المفتيين الإسلاميين يطالبون بإصدار قانون يعاقب كل من يفتي بغير علم، وأنه لا يفتي في الدين إلا من يحصل على تصريح بالفتوى من جهة إسلامية معروفة.. فما رأيك في ذلك؟!
ما يحدث للفتوى والإفتاء في الأمة الإسلامية مصيبة كبرى؛ لذلك فأنا مع إصدار قانون يحرم ويعاقب كل من يفتي في الدين بغير علم؛ ومع المطالبين بضرورة منح تصريح بالفتوى من جهة رسمية معتمدة في الإفتاء، ولا يحمل هذا التصريح إلا من كان متمكناً في الفتوى وعلم الإفتاء، فلا يعقل أن تمنح التراخيص لمن يريد أن يعمل ميكانيكياً أو حلاقاً أو من يمارس مهمة الطب أو المحاماة، ولا نطلبها ممن يفتي في الدين الذي يصلح أمر الدين والدنيا للناس في الحياة!!
صلة أستراليا بالإسلام
نريد إلقاء الضوء على صلة أستراليا بالإسلام.. متى بدأت؟
أريد أن أقرر حقيقة مهمة وهي أن الإسلام ضارب في أعماق التربة الأسترالية منذ قديم الزمن، حيث تؤكد الأبحاث التاريخية أن المسلمين الأوائل وصلوا إلى أستراليا عن طريقة سلطنة مولاكو التي كانت أغني ممالك العالم في ذلك الوقت، ووصلوا إلى شواطئها عن طريق الجزر الإندونيسية، ولكنهم عادوا مرة أخرى، ربما لأنه لم تتوافر لديهم إمكانيات البقاء والحياة في هذه القارة، وتوجد لدينا بعض الدلائل التاريخية التي يعود تاريخها إلى "الإبروجنذ" وهم سكان أستراليا الأصليون تؤكد أن ثمة علاقات وروابط وصلات قد أخذها هؤلاء الشعب من أولئك المسلمين، وكان هذا قبل أن يكتشفها البحارة الإنجليزي (كوك) بمئات السنين.
كما تشير المصادر التاريخية في العصر الحديث إلى أن الأفغان قد وطئوا أرض قارة أستراليا مع بداية اكتشافها، وقد استعان بهم الإنجليز في شق الطرق وبناء السكك الحديدية لتشابه التضاريس الجغرافية بين أستراليا وأفغانستان، فسخروا الخبرة الأفغانية في اكتشاف هذا العالم الجديد، وبنى الأفغان عشرات المساجد في وسط وغرب أستراليا؛ حيث تعد أقدم المساجد في أستراليا هي المساجد التي بناها الأفغان في وسطها وخاصة في منطقة "أدليد بيرث"، ما يؤكد عمق وصلة ومعرفة أستراليا بالإسلام قبل وبعد اكتشافها منذ قرابة 200 عام.
مشكلات المسلمين
ماذا عن أهم المشكلات والعقبات التي تواجه الأقلية المسلمة في أستراليا.. وما دوركم في مواجهتها؟
أهم المشكلات والعقبات تتمثل في خوف العائلات والأسر المسلمة على الجيل الثاني المهدد بالضياع والذوبان، وذلك لوجود بعض السلبيات في القانون الأسترالي؛ حيث يمنح القانون الأبناء حق التصرف والانفصال عن عائلاتهم ببلوغ سن السادسة عشرة. وهذا القانون يطبق على جميع أبناء الديانات والعقائد بأستراليا دون استثناء، وليس قاصراً على أبناء المسلمين هناك، الأمر الذي يجعل بعض الأسر المسلمة تفكر جدياً في العودة إلى أوطانهم لينقذوا أبناءهم من ضياع الهوية الإسلامية، وحمايتهم من الذوبان في المجتمع الأسترالي بأفكاره وثقافاته المتعددة.
كما أن هناك مشكلة غاية في الأهمية تواجه الأسر المسلمة، وهي أن القانون الأسترالي يسمح للزوجة من أي ديانة أو عقيدة أن ترفع دعوى ضد زوجها إذا حدث شجار بينهما في المنزل، ويُحبس بدعوى أنه "تحرش" بها داخل البيت، كما يتيح القانون الأسترالي للزوجة رفع دعوى ضد زوجها الذي يريد ممارسة حقه الشرعي وهي لا ترغب في ذلك، ويعتبر القانون أن هذا اغتصاب، كما أنه إذا مات الزوج آلت الملكية كلها للزوجة، فهذه أهم المشكلات التي نعانيها كمسلمين.
أما عن دورنا في حل هذه المشكلات فيتمثل في إيجاد البيئة المسلمة بتعليم الأباء والأمهات، وتثقيف وتوعية أفراد الأسرة المسلمة وخاصة الآباء والأمهات، وتحذيرهم من الوقوع في مثل هذه الأخطاء حتى تدوم المودة والمحبة والسكينة في الأسرة المسلمة، ونحاول قدر الإمكان أن نواجه المشكلات الاجتماعية بين الأزواج والزوجات بشكل ودي بعيداً عن اللجوء إلى القضاء.
الوضع الدعوى
ما رؤيتكم لتقييم الوضع الدعوي والعمل الإسلامي في أستراليا في ظل الأوضاع والظروف الراهنة؟
من المعلوم أن أستراليا بلد يعترف بتعدد الحضارات، ونسيجها يتكون من 186 جنسية، وتعيش فيها الجالية الإسلامية كجزء من هذا النسيج الذي يتكون من 27جنسية، وتأتي الجالية العربية وفي مقدمتها لبنان حيث تمثل الشريحة الكبرى، بالإضافة إلى الأفغان والأتراك والمصريين.
ولابد من الاعتراف بحقيقة مهمة حتى نعطي الحق لأهله وهي أن أستراليا بلد ديمقراطي يكفل لجميع أبنائه والذين يعيشون فيها من الجنسيات الأخرى حرية العقيدة والفكر والدعوة. فليس لدينا كأقلية مسلمة أية مشكلة متعلقة ببناء المساجد أو المراكز أو المدارس الإسلامية، فقد تضاعف عدد المساجد أو المراكز في السنوات العشر الأخيرة من 86 مسجداً إلى 280 مسجداً ومركزاً، كما أن للمسلمين الحق في تعليم أبنائهم الدين الإسلامي في المدارس الحكومية الرسمية والسماح لنا بإنشاء مدارس إسلامية خاصة بنا، واعترفت رسمياً باللغة العربية كلغة ثانية يضاف مجموعها إلى مجموع طلاب الثانوية العامة في البلاد.
كما أن الحكومة الأسترالية تعتبر الدين الإسلامي الدين الثاني في أستراليا، فتقدم المساعدات الممكنة للمدارس الإسلامية، كما تقدم المنح السنوية للعاملين في مجال الخدمات الاجتماعية والإنسانية، وتدفع أجور العاملين في مكتب الإفتاء والدعوة وأفراد بعثة المراكز الإسلامية، لذلك فإنه لا توجد مشكلة في هذا الجانب، ويبقى أن يكون المسلمون هم في مستوى القدوة والمثل الأعلى في تطبيق الإسلام ومبادئه وأخلاقه بشكل عملي أمام الأستراليين غير المسلمين، وبذلك نكون قد قدمنا لغير المسلمين رداً عملياً على كل الاتهامات التي يتهم بها الإسلام والمسلمون زوراً وبهتاناً.
موقف أستراليا من الإسلام
أستراليا من الدول الغربية التي تأخذ موقفاً عدائياً من الإسلام والمسلمين بعد أحداث سبتمبر.. فهل تشعرون بذلك من خلال تعاملاتكم اليومية مع الشعب الأسترالي؟
الشعب الأسترالي شعب مسالم طيب بفطرته، وهو أرض خصبة للدعوة الإسلامية، ولكن لا ننفي وجود عنصرية لدى بعضهم، وهذه العنصرية لا تشكل اجتماعاً أو جمهوراً ولا تمثل خطورة على الإسلام أو المسلمين.
فالعداء للإسلام والمسلمين ليس من الشعب أو الحكومة الأسترالية بقدر ما هو في المؤسسات الإعلامية الصهيونية المعادية التي تريد أن تؤجج الصراع والخلاف وتنشر الأباطيل والشبهات والطعون والاتهامات الباطلة وتريد إلصاقها بالإسلام والمسلمين، وهذا ما يجب الالتفات إليه والتعامل معه بحكمه وعقلانية، والرد عليهم بنفس سلاحهم.
المرجعيات الدينية في أستراليا
ماذا عن المرجعيات الإسلامية التي يقصدها المسلمون في أستراليا في الأمور الدينية والاجتماعية والتعليمية؟
المرجعيات الإسلامية لدينا في أستراليا تتمثل في جمعيات إسلامية رسمية معروفة للحكومة الأسترالية وتعمل بتصاريح عمل رسمية، ومن مجموع هذه الجمعيات يتكون المجلس الإسلامي للولاية، ومن مجموع مجالس الولايات يتكون الاتحاد الأسترالي للمجالس الإسلامية الذي يتولى رئاسته والإشراف عليه 17شخصاً يتم انتخابهم بواسطة الكونجرس الإسلامي الذي تكون دورته أربع سنوات.
وتكون مهمة الاتحاد الأسترالي للمجلس الإسلامي منح التزكية للائمة للحصول على تراخيص مأذونية الزواج، كما يسهل مهمة استقدام أئمة للجاليات، كما يشرف على عمليات الذبح الإسلامي التي يتم تصديرها للبلاد الإسلامية، بالإضافة إلى النشاطات الدعوية والاجتماعية للمسلمين.
أما الكونجرس الإسلامي فهو الذي يتم من خلاله انتخاب المفتي الذي استمد منصبه لأول مرة في شهر 3 عام 1989 ميلادية، وقد شرفت بتولي هذا المنصب منذ ذلك التاريخ وحتى الآن. ومهمتنا الأساسية إفتاء المسلمين في أمور دينهم ودنياهم، وبيان وشرح حقيقة الإسلام والرد على كل الشبهات التي يتعرض لها بين الحين والآخر.
النهوض بالعمل الإسلامي
ما اقتراحكم للنهوض بالعمل الإسلامي في أستراليا؟
أطالب وأدعو إلى أهمية إنشاء مجلس إسلامي عالمي للأقليات الإسلامية في أوروبا يكون مقره إحدى دول الخليج، يضم هذا المجلس العلماء البارزين من المسلمين المهاجرين في دول الغرب، وفيهم قدرات وكفاءات وطاقات نادرة ومخلصة للإسلام والمسلمين، وهؤلاء قوة لا يستهان بها في التأثير على القرارات، ويقوم هذا المجلس بوضع خطة واستراتيجية عملية لتوحيد الطاقات والجهود المبذولة.
تجديد الخطاب الديني
قضية تجديد الخطاب الديني من القضايا التي طرحت بشدة في الآونة الأخيرة، ودخلت دول وجهات أجنبية على الخط للضغوط على الدول الإسلامية لتغير خطابها الديني بما يتفق مع سياستها وأهدافها.. فما رؤيتكم لهذه القضية. وهل نحن بحاجة إلى تغير خطابنا الديني المعاصر؟!
نريد التأكيد هنا على أن الإسلام ثابت في أصوله ومتغير في فروعة من الاجتهادات. والذي حث على أهمية اختيار الخطاب الديني بما يخدم المصلحة الدعوية هو سيد الدعاة محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال: "نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم". وقال صلى الله عليه وسلم : "حدثوا الناس بما يفهمونه"، فإن نحن أحسنا اختيار الكلمة المناسبة والحكم المناسب والفتوى المناسبة للزمان والمكان المناسب، فهذا يكون من صميم خطابنا الديني الإسلامي. فلا شك أن تجديد الخطاب الديني الإسلامي من أهم القضايا التي ينبغي الاهتمام بها في هذا التوقيت، وأنه لابد أن يتم ذلك بواقع من ذاتنا لا أن يفرض علينا ذلك.
ولا شك أن دعاتنا في الداخل والخارج يعانون من قصور في فهم فقه الواقع وفقه المهجر وأبجديات وأولويات الدعوة إلى الله، وعرض الإسلام على الآخر. ذلك أن الواقع الإسلامي يؤكد أننا أفشل محامين لأعدل قضية.
تصحيح المسار
برأيكم كيف يمكن تصحيح مسار العمل الإسلامي العام في الأمة داخلياً وخارجياً.. بالأسلوب الذي يجعل الآخرين من غير المسلمين يصححون أفكارهم الخاطئة حول الإسلام والمسلمين؟!
أفضل وسيلة لتحقيق ذلك أن نقدم الإسلام السلوكي العملي بالأسوة والقدوة الحسنة، فلسان حال خير من ألف مقال. فيجب علينا جميعاً في الداخل والخارج أن نقدم الدين الإسلامي وقيمة ومبادئه؛ صدقاً في أقوالنا وتنفيذاً عملياً؛ لأن مصيبة أمتنا أن نتكلم كثيراً ولا نفعل شيئاً. كما لابد أن نقدم الدعوة لهذا الدين إخلاصاً في أعمالنا ووفاءً لعهودنا ومواعيدنا مع أنفسنا ومع الآخرين. فان فعلنا كل ذلك سيأخذ الإسلام طريقه إلى القلوب. فقد انتشر الإسلام ووصل إلى ما وراء البحار عن طريق الدعوة والسلوك والمعاملة الحياتية. لذلك فنحن جميعاً كمسلمين أفراداً وجماعات في بلاد الأوطان وبلاد المهجر لا بد أن نكون رسل رحمة، وأن يعتبر كل واحد منا في نفسه سفيراً لدينه وممثلاً لرسوله صلى الله عليه وسلم . فلابد من أن نثق في الله تعالى، وأننا لابد أن نعلم أن الله لابد أن ينصر دينه ويظهره على الدين كله ولو كره الكافرون. ويجب أن نعلم أنه ما تغلب علينا غيرنا إلا بكثرة ذنوبنا وتقصيرنا في التمسك بديننا.
الحوار بين الأديان
فكرة الحوار بين الأديان طرحها الكثير من المؤسسات الإسلامية والمسيحية.. إلا أنها لم تحقق نتائج حتى الآن.. فما رؤيتكم لأهمية هذا الحوار وما المطلوب لنجاحه؟!
الحوار بين أهل الأديان أمر طيب، وندعو إليه ونحث عليه؛ ذلك أن الحوار مطلب إنساني. والقرآن الكريم يقص علينا نبأ حوارات تمت بين الله تعالى وإبليس اللعين، وهناك حوارات بين إبليس وأهل النار، وحوارات بين الأنبياء وأقوامهم، فالقرآن يؤمن بالحوار ويدعو إليه في كل الأوقات والأزمان. والمشكلة عندنا ننحن المسلمين ليست في الحوار بين الأديان، وإنما نحن مطالبون بتعريف غيرنا بإسلامنا وعقيدتنا، وأن نفرض أنفسنا على الآخر من خلال أخلاقنا وقيمنا ومبادئنا الإسلامية. وحتى يكون الحوار ناجحاً ومفيداً ومثمراً لابد أن يكون حواراً مشتركاً لا أن يكون حواراً من طرف واحد أو حواراً يهدف إلى التمييع أو التركيع!!
مستقبل الإسلام في أستراليا
كيف ترى مستقبل الإسلام في أستراليا؟
أنا متفائل جداً ليس بمستقبل الإسلام في أستراليا فقط، وإنما بمستقبله في بلاد الدنيا كلها. فالإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله للعالمين فقال تعالى: إن الدين عند الله الإسلام (آل عمران:19).
وأؤكد أن مستقبل الإسلام في أستراليا تحديداً مشرق. ولو توافر لنا دعاة رساليون يخلصون النية لله عز وجل، بعيداً عن التحجر والتقوقع والمذهبية والتعصب، لوجد الإسلام مساحة أوسع وطرقاً ممهدة إلى قلوب ملايين الأستراليين في زمن قصير.
bob agoree- عضو مبتدئ
- عدد الرسائل : 82
العمر : 44
مكان الإقامة : بنغازي
مكان الدراسة : انشاء الله استراليا /ادليد
مجال الدراسة : Artificial intelligence
تاريخ التسجيل : 22/09/2009
مواضيع مماثلة
» رحلة الشيخ ديدات الى أستراليا
» قصص من حياة الشيخ الحسن البصري.
» الدين معاملة
» من أروع ما قال الداعية الشيخ عائض القرنى
» كلمة الشيخ أحمد باز
» قصص من حياة الشيخ الحسن البصري.
» الدين معاملة
» من أروع ما قال الداعية الشيخ عائض القرنى
» كلمة الشيخ أحمد باز
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت يوليو 07, 2012 9:44 am من طرف Basher12
» إفتتاح المنتدى الجديد
الجمعة يوليو 06, 2012 6:44 am من طرف مدير المنتدى
» دراسة ماستر الصيدلة فى نيوكاسل
الثلاثاء يونيو 26, 2012 1:22 am من طرف أم عبدالله
» ماذا عن التقنية الطبية ؟؟؟؟
الجمعة يونيو 22, 2012 1:22 am من طرف bent libya
» اريد مساعدة
الخميس يونيو 14, 2012 12:45 pm من طرف بلقاسم السني
» رفرفي يااعلام الامريكان ..لما لا . فلقد حق لكي ذلك .
الخميس يونيو 07, 2012 11:02 pm من طرف نورس الجبل
» التاشيرة الاسترالية
الأربعاء أبريل 04, 2012 7:39 pm من طرف Faisal
» حول مدينة بيرث
الجمعة فبراير 17, 2012 12:42 am من طرف المسمارى
» أيها الأخوه لا يفوتكم هذا العرض
الأربعاء فبراير 15, 2012 8:52 pm من طرف saudi2000