قصص من حياة الشيخ الحسن البصري.
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
قصص من حياة الشيخ الحسن البصري.
قصص من حياة الشيخ الحسن البصري.
--------------------------------------------------------------------------------
حياة الصحابة الكرام رضوان الله عليهم اجمعين ومن بعدهم حياة التابعين فيها مواقف عظيمة تدل على مدى قوة ايمان هؤلاء الناس فلقد ملأوا الدنيا نورا بعلمهم وبأخلاقهم واستطاعوا ان يغتنموا كل وقتهم في طاعة الله تعالى والتقرب اليه ،من هؤلاء التابعين الحسن البصري رحمه الله نعيش وقفات معه ،أسأل أن ينفعنا بما نقول ونكتب والله المستعان وعليه التكلان .
الوقفة الاولى :
ذكر ابن أبي الدنيا أن الحسن البصري كتب الى عمر بن عبدالعزيز أما بعد : فإن الدنيا دار ظعن ليست بدار إقامة إنما أنزل إليها آدم عليه السلام عقوبة فاحذرها يا أمير المؤمنين فإن الزاد منها تركها والغنى فيها فقرها لها في كل حين قتيل تذل من أعزها وتفقر من جمعها هي كالسم يأكله من لا يعرفه وهو حتفه فكن فيها كالمداوي جراحه يحتمي قليلا مخافة ما يكره طويلا ويصبر على شدة الدواء مخافة طول البلاء فاحذر هذه الدار الغرارة الخداعة الخيالة التي قد تزينت بخدعها وفتنت بغرورها وختلت بآمالها وتشوفت لخطابها فأصبحت كالعروس المجلوة فالعيون إليها ناظرة والقلوب عليها والهة والنفوس لها عاشقة وهي لأزواجها كلهم قاتلة فعاشق لها قد ظفر منها بحاجته فاغتر وطغى ونسى المعاد فشغل بها لبه حتى زلت عنها قدمه فعظمت عليها ندامته وكثرت حسرته واجتمعت عليه سكرات الموت وألمه وحسرات الفوت وعاشق لم ينل منها بغيته فعاش بغصته وذهب بكمده ولم يدرك منها ما طلب ولم تسترح نفسه من التعب فخرج بغير زاد وقدم على غير مهاد ما تكون فيها أحذر ما تكون لها فإن صاحب الدنيا كلما اطمأن منها إلى سرور أشخصته إلى مكروه وصل الرخاء منها بالبلاء وجعل البقاء فيها إلى فناء سرورها مشوب بالحزن أمانيها كاذبة وآمالها باطلة وصفوها كدر وعيشها نكد فلو كان ربنا لم يخبر عنها خبرا ولم يضرب لها مثلا لكانت فقال: هون عليك يا هذا، فإني أطمعت نفسي في الجنان فطمعت، وأطعمتها في النجاة من النار، فطمعت، وأطمعتها في السلامة من الناس فلم أجد إلى ذلك سبيلاً، فإن الناس لم يرضوا عن خالقهم ورازقهم فكيف يرضون عن مخلوق مثلهم؟
الوقفة الثامنة :قد أيقظت النائم ونبهت الغافل فكيف وقد جاء من الله فيها واعظ وعنها زاجر فمالها عند الله قدر ولا وزن ولا نظر إليها منذ خلقها ولقد عرضت على نبينا بمفاتيحها وخزائنها لا ينقصها عند الله جناح بعوضة فأبى أن يقبلها كره أن يحب ما أبغض خالقه أو يرفع ما وضع مليكه فزواها عن الصالحين اختيارا وبسطها لاعدائه اغترارا فيظن المغرور بها المقتدر عليها أنه أكرم بها ونسى ما صنع الله عز وجل برسوله حين شد الحجر على بطنه
وقال الحسن أيضا : إن قوما أكرموا الدنيا فصلبتهم على الخشب فأهينوها فأهنأ ما تكون إذا أهنتموها .
الوقفة الثانية:
قيل إن رجلا أتى الحسن فقال يا أبا سعيد إني حلفت بالطلاق أن الحجاج في النار فما تقول أقيم مع امرأتي أم أعتزلها فقال له قد كان الحجاج فاجرا فاسقا وما أدري ما أقول لك إن رحمة الله وسعت كل شيء وإن الرجل أتى محمد بن سيرين فأخبره بما حلف فرد عليه شبيها بما قاله الحسن وإنه أتى عمرو بن عبيد فقال له أقم مع زوجتك فإن الله تعالى إن غفر للحجاج لم يضرك الزنا ذكر ذلك.
الوقفة الثالثة :
قيل له ألا ترى كثرة الوباء فقال أنفق ممسك وأقلع مذنب واتعظ جاحد.
الوقفة الرابعة :
ولما وليَ الحجَّاجُ بن يوسف الثقفي العراقَ ، وطغى في ولايته وتجبَّر ، كان الحسنُ البصري أحدَ الرجال القلائل الذين تصدَّوا لطغيانه ، وجهروا بين الناس بسوء أفعاله ، وصدعوا بكلمة الحق في وجهه ، فعَلِمَ الحجَّاجُ أن الحسن البصري يتهجَّم عليه في مجلس عام ، فماذا فعل؟ دخل الحجَّاجُ إلى مجلسه ، وهو يتميَّز من الغيظ ، وقال لجلاَّسه : تبًّا لكم ، سُحقا ، يقوم عبدٌ من عبيد أهل البصرة ، و يقول فينا ما شاء أن يقول ، ثم لا يجد فيكم من يردُّه ، أو ينكر عليه ، واللهٍ لأسقينَّكم من دمه يا معشر الجبناء ، ثم أمر بالسيف والنطع - إذا كان يُريد قطعَ رأس إنسان بمكان فيه أثاث فاخر حتى لا يلوِّث الدمُ الأثاثَ يأتون بالنطع ، والنطع قطعة قماش كبيرة ، أو قطعة جلد ، إذا قُطع رأسُ من يُقطع رأسُه ، لا يلوِّث الدمُ الأثاث ، ثم أمر بالسيف والنطع فأُحضِر ، ودعا بالجلاد فمَثُل واقفا بين يديه ، ثم وجَّه إلى الحسن بعضَ جنده ، وأمرهم أن يأتوا به ، ويقطعوا رأسه ، وانتهى الأمرُ ، وما هو إلا قليل حتى جاء الحسنُ ، فشخصتْ نحوه الأبصارُ ، ووجفت عليه القلوبُ ، فلما رأى الحسنُ السيفَ والنطع والجلادَ حرَّك شفتيه ، ثم أقبل على الحجاج ، وعليه جلالُ المؤمن ، وعزة المسلم ، ووقارُ الداعية إلى الله ، فلما رآه الحجاجُ على حاله هذه هابه أشدَّ الهيبة ، وقال له : ها هنا يا أبا سعيد ، تعالَ اجلس هنا ، فما زال يوسع له و يقول : ها هنا ، والناس لا يصدَّقون ما يرون ، طبعا طُلب ليقتل ، والنطع جاهز، والسيَّاف جاهز ، وكلُّ شيء جاهز لقطع رأسه ، فكيف يستقبله الحجَّاج ، ويقول له : تعال إلى هنا يا أبا سعيد ، حتى أجلسَه على فراشه ، ووضَعَه جنبه ، ولما أخذ الحسنُ مجلسه التفت إليه الحجَّاجُ ، وجعل يسأله عن بعض أمور الدين ، والحسنُ يجيبه عن كلِّ مسألة بجنان ثابت ، وبيان ساحر ، وعلم واسع ، فقال له الحجاج : أنت سيدُ العلماء يا أبا سعيد ، ثم دعا بغالية - نوع من أنواع الطيب - وطيَّب له بها لحيته ، وودَّعه ، ولما خرج الحسنُ من عنده تبعه حاجبُ الحجاج ، وقال له : يا أبا سعيد ، لقد دعاك الحجاجُ لغير ما فعل بك ، دعاك ليقتلك ، والذي حدث أنه أكرمك ، وإني رأيتك عندما أقبلت ، ورأيتَ السيفَ والنطعَ قد حرَّكتَ شفتيك ، فماذا قلت ؟ فقال الحسن : لقد قلت : يا وليَ نعمتي ، وملاذي عند كربتي ، اجعل نقمته بردا و سلاما عليَّ ، كما جعلت النارَ بردا وسلاما على إبراهيم ، قال تعالى :
الوقفة الخامسة :
قيل للحسن إن فلانا اغتابك فبعث إليه طبق حلوى وقال بلغني أنك أهديت إلي حسناتك فكافأتك بهذا
وكان يقول : نضحك ولعل الله قد اضطلع على بعض أعمالنا فقال : لا أقبل منكم شيئاً .
الوقفة السادسة:
نظر إلى جنازة قد ازدحم الناس عليها فقال ما لكم تزدحمون ها تلك هي ساريته في المسجد اقعدوا تحتها حتى تكونوا مثله.
الوقفة السابعة:
وقال له رجل: إن قوماً يجالسونك ليجدوا بذلك إلى الوقيعة فيك سبيلاً (أي يتصيدون الأخطاء).
حدَّث خالد بن صفوان فقال : لقيتُ مَسلمةَ بنَ عبد الملك في الحيرة فقال لي : أخبرني يا خالدُ عن حسن البصرة ، فإني أظنُّ أنك تعرف من أمره ما لا يعرف سواك ؟ فقال : أصلح اللهُ الأمير ؛ أنا خيرُ مَن يخبِرُك عنه بعلم ، قال : أنا جارُه في بيته ، وجليسه في مجلسه ، و أعلم أهل البصرة به ، قال : هاتِ ما عندك -
قال له : إنه امرؤ سريرته كعلانيته - واحدة - و قوله كفعله ، إذا أمر بمعروف كان أَعْمَلَ الناس به ، وإذا نهى عن منكر كان أَتْرَكَ الناس له ، ولقد رأيتُه مستغنيا عن الناس ، زاهدا بما في أيديهم ، ورأيت الناس محتاجين إليه ، طالبين ما عنده " فقال مسلمةُ : حسبُك يا خالد كيف يضلُّ قومٌ فيهم مثلُ هذا "
الوقفة التاسعة:
لما ولي عمر بن هبيرة الفزاري العراق وأضيفت إليه خراسان وذلك في أيام يزيد بن عبد الملك استدعى الحسن البصري ومحمد بن سيرين والشعبي وذلك في سنة ثلاث ومائة فقال لهم إن يزيد خليفة الله استخلفه على عباده وأخذ عليهم الميثاق بطاعته وأخذ عهدنا بالسمع والطاعة وقد ولاني ما ترون فيكتب إلي بالأمر من أمره فأنفذ ذلك الأمر فما ترون؟! فقال ابن سيرين والشعبي قولا فيه تقية فقال ابن هبيرة ما تقول يا حسن فقال يا ابن هبيرة خف الله في يزيد ولا تخف يزيد في الله إن الله يمنعك من يزيد وإن يزيد لا يمنعك من الله وأوشك أن يبعث إليك ملكا فيزيلك عن سريرك، ويخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك ثم لا ينجيك إلا عملك يا ابن هبيرة إن تعص الله فإنما جعل الله هذا السلطان ناصرا لدين الله وعباده فلا تركبن دين الله وعباده بسلطان الله فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فأجازهم ابن هبيرة وأضعف جائزة الحسن فقال الشعبي لابن سيرين سفسفنا له فسفسف لنا.
الوقفة العاشرة :
قال حمزة الأعمى: وكنت أدخل على الحسن منزله وهو يبكي، وربما جئت إليه وهو يصلي فأسمع بكاءه ونحيبه فقلت له يوماً: إنك تكثر البكاء، فقال: يا بني، ماذا يصنع المؤمن إذا لم يبكِ؟ يا بني إن البكاء داع إلى الرحمة. فإن استطعت أن تكون عمرك باكيا فافعل، لعله تعالى أن يرحمك.
ثم ناد الحسن: بلغنا أن الباكي من خشية الله لا تقطر دموعه قطرة حتى تعتق رقبته من النار.
الوقفة الحادية عشرة:
عن حفص بن عمر قال: بكى الحسن فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: أخاف أن يطرحني غداً في النار ولا يبالي.
وعن حميد قال: بينما الحسن في المسجد تنفس تنفساً شديداً ثم بكى حتى أرعدت منكباً ثم قال: لو أن بالقلوب حياةً، لو أن بالقلوب صلاحاً لأبكتكم من ليلةٍ صبيحتها يوم القيامة، إن ليلة تمخض عن صبيحة يوم القيامة ما سمع الخلائق بيوم قط أكثر من عورة بادية ولا عين باكية من يوم القيامة.
الوقفة الثانية عشرة :
قال فرقد: دخلنا على الحسن فقلنا: يا أبا سعيد ألا يعجبك من محمد بن الأهتم؟ فقال: ماله؟ فقلنا: دخلنا عليه آنفا وهو يجود بنفسه فقال انظروا إلى ذاك الصندوق – وأومأ إلى صندوق في جانب بيته – فقال: هذا الصندوق فيه ثمانون ألف دينار لم أؤد منها زكاة ولم أصل منها رحما ولم يأكل منها محتاج فقلنا: يا أبا عبد الله فلمن كنت تجمعها؟ قال: لروعة الزمان ومكاثرة الأقران وجفوة السلطان فقال الحسن: انظروا من أين أتاه شيطانه فخوفه روعة زمانه ومكاثرة أقرانه وجفوة سلطانه !؟ ثم قال أيها الوارث لا تُخدعن كما خُدع صويحبك بالأمس جاءك هذا المال لم تتعب لك فيه يمين ولم يعرق لك فيه جبين جاءك ممن كان له جموعا منوعا من باطل جمعه ومن حق منعه ثم قال الحسن إن يوم القيامة لذو حسرات الرجل يجمع المال ثم يموت ويدعه لغيره فيرزقه الله فيه الصلاح والإنفاق في وجوه البر فيجد ماله في ميزان غيره.
الوقفة الثالثة عشرة :
جاء شاب إلى الحسن فقال: أعياني قيام الليل (أي حاولت قيام الليل فلم استطعه)، فقال: قيدتك خطاياك.
الوقفة الرابعة عشرة:
جاءه آخر فقال له: إني أعصي الله وأذنب، وأرى الله يعطيني ويفتح علي من الدنيا، ولا أجد أني محروم من شيء فقال له الحسن: هل تقوم الليل فقال: لا، فقال: كفاك أن حرمك الله مناجاته.
--------------------------------------------------------------------------------
حياة الصحابة الكرام رضوان الله عليهم اجمعين ومن بعدهم حياة التابعين فيها مواقف عظيمة تدل على مدى قوة ايمان هؤلاء الناس فلقد ملأوا الدنيا نورا بعلمهم وبأخلاقهم واستطاعوا ان يغتنموا كل وقتهم في طاعة الله تعالى والتقرب اليه ،من هؤلاء التابعين الحسن البصري رحمه الله نعيش وقفات معه ،أسأل أن ينفعنا بما نقول ونكتب والله المستعان وعليه التكلان .
الوقفة الاولى :
ذكر ابن أبي الدنيا أن الحسن البصري كتب الى عمر بن عبدالعزيز أما بعد : فإن الدنيا دار ظعن ليست بدار إقامة إنما أنزل إليها آدم عليه السلام عقوبة فاحذرها يا أمير المؤمنين فإن الزاد منها تركها والغنى فيها فقرها لها في كل حين قتيل تذل من أعزها وتفقر من جمعها هي كالسم يأكله من لا يعرفه وهو حتفه فكن فيها كالمداوي جراحه يحتمي قليلا مخافة ما يكره طويلا ويصبر على شدة الدواء مخافة طول البلاء فاحذر هذه الدار الغرارة الخداعة الخيالة التي قد تزينت بخدعها وفتنت بغرورها وختلت بآمالها وتشوفت لخطابها فأصبحت كالعروس المجلوة فالعيون إليها ناظرة والقلوب عليها والهة والنفوس لها عاشقة وهي لأزواجها كلهم قاتلة فعاشق لها قد ظفر منها بحاجته فاغتر وطغى ونسى المعاد فشغل بها لبه حتى زلت عنها قدمه فعظمت عليها ندامته وكثرت حسرته واجتمعت عليه سكرات الموت وألمه وحسرات الفوت وعاشق لم ينل منها بغيته فعاش بغصته وذهب بكمده ولم يدرك منها ما طلب ولم تسترح نفسه من التعب فخرج بغير زاد وقدم على غير مهاد ما تكون فيها أحذر ما تكون لها فإن صاحب الدنيا كلما اطمأن منها إلى سرور أشخصته إلى مكروه وصل الرخاء منها بالبلاء وجعل البقاء فيها إلى فناء سرورها مشوب بالحزن أمانيها كاذبة وآمالها باطلة وصفوها كدر وعيشها نكد فلو كان ربنا لم يخبر عنها خبرا ولم يضرب لها مثلا لكانت فقال: هون عليك يا هذا، فإني أطمعت نفسي في الجنان فطمعت، وأطعمتها في النجاة من النار، فطمعت، وأطمعتها في السلامة من الناس فلم أجد إلى ذلك سبيلاً، فإن الناس لم يرضوا عن خالقهم ورازقهم فكيف يرضون عن مخلوق مثلهم؟
الوقفة الثامنة :قد أيقظت النائم ونبهت الغافل فكيف وقد جاء من الله فيها واعظ وعنها زاجر فمالها عند الله قدر ولا وزن ولا نظر إليها منذ خلقها ولقد عرضت على نبينا بمفاتيحها وخزائنها لا ينقصها عند الله جناح بعوضة فأبى أن يقبلها كره أن يحب ما أبغض خالقه أو يرفع ما وضع مليكه فزواها عن الصالحين اختيارا وبسطها لاعدائه اغترارا فيظن المغرور بها المقتدر عليها أنه أكرم بها ونسى ما صنع الله عز وجل برسوله حين شد الحجر على بطنه
وقال الحسن أيضا : إن قوما أكرموا الدنيا فصلبتهم على الخشب فأهينوها فأهنأ ما تكون إذا أهنتموها .
الوقفة الثانية:
قيل إن رجلا أتى الحسن فقال يا أبا سعيد إني حلفت بالطلاق أن الحجاج في النار فما تقول أقيم مع امرأتي أم أعتزلها فقال له قد كان الحجاج فاجرا فاسقا وما أدري ما أقول لك إن رحمة الله وسعت كل شيء وإن الرجل أتى محمد بن سيرين فأخبره بما حلف فرد عليه شبيها بما قاله الحسن وإنه أتى عمرو بن عبيد فقال له أقم مع زوجتك فإن الله تعالى إن غفر للحجاج لم يضرك الزنا ذكر ذلك.
الوقفة الثالثة :
قيل له ألا ترى كثرة الوباء فقال أنفق ممسك وأقلع مذنب واتعظ جاحد.
الوقفة الرابعة :
ولما وليَ الحجَّاجُ بن يوسف الثقفي العراقَ ، وطغى في ولايته وتجبَّر ، كان الحسنُ البصري أحدَ الرجال القلائل الذين تصدَّوا لطغيانه ، وجهروا بين الناس بسوء أفعاله ، وصدعوا بكلمة الحق في وجهه ، فعَلِمَ الحجَّاجُ أن الحسن البصري يتهجَّم عليه في مجلس عام ، فماذا فعل؟ دخل الحجَّاجُ إلى مجلسه ، وهو يتميَّز من الغيظ ، وقال لجلاَّسه : تبًّا لكم ، سُحقا ، يقوم عبدٌ من عبيد أهل البصرة ، و يقول فينا ما شاء أن يقول ، ثم لا يجد فيكم من يردُّه ، أو ينكر عليه ، واللهٍ لأسقينَّكم من دمه يا معشر الجبناء ، ثم أمر بالسيف والنطع - إذا كان يُريد قطعَ رأس إنسان بمكان فيه أثاث فاخر حتى لا يلوِّث الدمُ الأثاثَ يأتون بالنطع ، والنطع قطعة قماش كبيرة ، أو قطعة جلد ، إذا قُطع رأسُ من يُقطع رأسُه ، لا يلوِّث الدمُ الأثاث ، ثم أمر بالسيف والنطع فأُحضِر ، ودعا بالجلاد فمَثُل واقفا بين يديه ، ثم وجَّه إلى الحسن بعضَ جنده ، وأمرهم أن يأتوا به ، ويقطعوا رأسه ، وانتهى الأمرُ ، وما هو إلا قليل حتى جاء الحسنُ ، فشخصتْ نحوه الأبصارُ ، ووجفت عليه القلوبُ ، فلما رأى الحسنُ السيفَ والنطع والجلادَ حرَّك شفتيه ، ثم أقبل على الحجاج ، وعليه جلالُ المؤمن ، وعزة المسلم ، ووقارُ الداعية إلى الله ، فلما رآه الحجاجُ على حاله هذه هابه أشدَّ الهيبة ، وقال له : ها هنا يا أبا سعيد ، تعالَ اجلس هنا ، فما زال يوسع له و يقول : ها هنا ، والناس لا يصدَّقون ما يرون ، طبعا طُلب ليقتل ، والنطع جاهز، والسيَّاف جاهز ، وكلُّ شيء جاهز لقطع رأسه ، فكيف يستقبله الحجَّاج ، ويقول له : تعال إلى هنا يا أبا سعيد ، حتى أجلسَه على فراشه ، ووضَعَه جنبه ، ولما أخذ الحسنُ مجلسه التفت إليه الحجَّاجُ ، وجعل يسأله عن بعض أمور الدين ، والحسنُ يجيبه عن كلِّ مسألة بجنان ثابت ، وبيان ساحر ، وعلم واسع ، فقال له الحجاج : أنت سيدُ العلماء يا أبا سعيد ، ثم دعا بغالية - نوع من أنواع الطيب - وطيَّب له بها لحيته ، وودَّعه ، ولما خرج الحسنُ من عنده تبعه حاجبُ الحجاج ، وقال له : يا أبا سعيد ، لقد دعاك الحجاجُ لغير ما فعل بك ، دعاك ليقتلك ، والذي حدث أنه أكرمك ، وإني رأيتك عندما أقبلت ، ورأيتَ السيفَ والنطعَ قد حرَّكتَ شفتيك ، فماذا قلت ؟ فقال الحسن : لقد قلت : يا وليَ نعمتي ، وملاذي عند كربتي ، اجعل نقمته بردا و سلاما عليَّ ، كما جعلت النارَ بردا وسلاما على إبراهيم ، قال تعالى :
الوقفة الخامسة :
قيل للحسن إن فلانا اغتابك فبعث إليه طبق حلوى وقال بلغني أنك أهديت إلي حسناتك فكافأتك بهذا
وكان يقول : نضحك ولعل الله قد اضطلع على بعض أعمالنا فقال : لا أقبل منكم شيئاً .
الوقفة السادسة:
نظر إلى جنازة قد ازدحم الناس عليها فقال ما لكم تزدحمون ها تلك هي ساريته في المسجد اقعدوا تحتها حتى تكونوا مثله.
الوقفة السابعة:
وقال له رجل: إن قوماً يجالسونك ليجدوا بذلك إلى الوقيعة فيك سبيلاً (أي يتصيدون الأخطاء).
حدَّث خالد بن صفوان فقال : لقيتُ مَسلمةَ بنَ عبد الملك في الحيرة فقال لي : أخبرني يا خالدُ عن حسن البصرة ، فإني أظنُّ أنك تعرف من أمره ما لا يعرف سواك ؟ فقال : أصلح اللهُ الأمير ؛ أنا خيرُ مَن يخبِرُك عنه بعلم ، قال : أنا جارُه في بيته ، وجليسه في مجلسه ، و أعلم أهل البصرة به ، قال : هاتِ ما عندك -
قال له : إنه امرؤ سريرته كعلانيته - واحدة - و قوله كفعله ، إذا أمر بمعروف كان أَعْمَلَ الناس به ، وإذا نهى عن منكر كان أَتْرَكَ الناس له ، ولقد رأيتُه مستغنيا عن الناس ، زاهدا بما في أيديهم ، ورأيت الناس محتاجين إليه ، طالبين ما عنده " فقال مسلمةُ : حسبُك يا خالد كيف يضلُّ قومٌ فيهم مثلُ هذا "
الوقفة التاسعة:
لما ولي عمر بن هبيرة الفزاري العراق وأضيفت إليه خراسان وذلك في أيام يزيد بن عبد الملك استدعى الحسن البصري ومحمد بن سيرين والشعبي وذلك في سنة ثلاث ومائة فقال لهم إن يزيد خليفة الله استخلفه على عباده وأخذ عليهم الميثاق بطاعته وأخذ عهدنا بالسمع والطاعة وقد ولاني ما ترون فيكتب إلي بالأمر من أمره فأنفذ ذلك الأمر فما ترون؟! فقال ابن سيرين والشعبي قولا فيه تقية فقال ابن هبيرة ما تقول يا حسن فقال يا ابن هبيرة خف الله في يزيد ولا تخف يزيد في الله إن الله يمنعك من يزيد وإن يزيد لا يمنعك من الله وأوشك أن يبعث إليك ملكا فيزيلك عن سريرك، ويخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك ثم لا ينجيك إلا عملك يا ابن هبيرة إن تعص الله فإنما جعل الله هذا السلطان ناصرا لدين الله وعباده فلا تركبن دين الله وعباده بسلطان الله فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فأجازهم ابن هبيرة وأضعف جائزة الحسن فقال الشعبي لابن سيرين سفسفنا له فسفسف لنا.
الوقفة العاشرة :
قال حمزة الأعمى: وكنت أدخل على الحسن منزله وهو يبكي، وربما جئت إليه وهو يصلي فأسمع بكاءه ونحيبه فقلت له يوماً: إنك تكثر البكاء، فقال: يا بني، ماذا يصنع المؤمن إذا لم يبكِ؟ يا بني إن البكاء داع إلى الرحمة. فإن استطعت أن تكون عمرك باكيا فافعل، لعله تعالى أن يرحمك.
ثم ناد الحسن: بلغنا أن الباكي من خشية الله لا تقطر دموعه قطرة حتى تعتق رقبته من النار.
الوقفة الحادية عشرة:
عن حفص بن عمر قال: بكى الحسن فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: أخاف أن يطرحني غداً في النار ولا يبالي.
وعن حميد قال: بينما الحسن في المسجد تنفس تنفساً شديداً ثم بكى حتى أرعدت منكباً ثم قال: لو أن بالقلوب حياةً، لو أن بالقلوب صلاحاً لأبكتكم من ليلةٍ صبيحتها يوم القيامة، إن ليلة تمخض عن صبيحة يوم القيامة ما سمع الخلائق بيوم قط أكثر من عورة بادية ولا عين باكية من يوم القيامة.
الوقفة الثانية عشرة :
قال فرقد: دخلنا على الحسن فقلنا: يا أبا سعيد ألا يعجبك من محمد بن الأهتم؟ فقال: ماله؟ فقلنا: دخلنا عليه آنفا وهو يجود بنفسه فقال انظروا إلى ذاك الصندوق – وأومأ إلى صندوق في جانب بيته – فقال: هذا الصندوق فيه ثمانون ألف دينار لم أؤد منها زكاة ولم أصل منها رحما ولم يأكل منها محتاج فقلنا: يا أبا عبد الله فلمن كنت تجمعها؟ قال: لروعة الزمان ومكاثرة الأقران وجفوة السلطان فقال الحسن: انظروا من أين أتاه شيطانه فخوفه روعة زمانه ومكاثرة أقرانه وجفوة سلطانه !؟ ثم قال أيها الوارث لا تُخدعن كما خُدع صويحبك بالأمس جاءك هذا المال لم تتعب لك فيه يمين ولم يعرق لك فيه جبين جاءك ممن كان له جموعا منوعا من باطل جمعه ومن حق منعه ثم قال الحسن إن يوم القيامة لذو حسرات الرجل يجمع المال ثم يموت ويدعه لغيره فيرزقه الله فيه الصلاح والإنفاق في وجوه البر فيجد ماله في ميزان غيره.
الوقفة الثالثة عشرة :
جاء شاب إلى الحسن فقال: أعياني قيام الليل (أي حاولت قيام الليل فلم استطعه)، فقال: قيدتك خطاياك.
الوقفة الرابعة عشرة:
جاءه آخر فقال له: إني أعصي الله وأذنب، وأرى الله يعطيني ويفتح علي من الدنيا، ولا أجد أني محروم من شيء فقال له الحسن: هل تقوم الليل فقال: لا، فقال: كفاك أن حرمك الله مناجاته.
arabie- عضو جديد
- عدد الرسائل : 5
العمر : 43
مكان الإقامة : WA.Perth
تاريخ التسجيل : 26/12/2008
رد: قصص من حياة الشيخ الحسن البصري.
بارك الله فيك وفي الشيخ البصري علي هده الوقفات الرائعه رحمه الله...
Dr khaled K.Elmezughi- عضو جديد
- عدد الرسائل : 2
العمر : 44
مكان الإقامة : tripoli
تاريخ التسجيل : 27/12/2008
مواضيع مماثلة
» حياة طبيب كيف متخرج!
» قصة طريفة للامام الحسن البصري احببت ان تقرأوها معي
» كلمة الشيخ أحمد باز
» الشيخ اللحيدان والقذافي
» رحلة الشيخ ديدات الى أستراليا
» قصة طريفة للامام الحسن البصري احببت ان تقرأوها معي
» كلمة الشيخ أحمد باز
» الشيخ اللحيدان والقذافي
» رحلة الشيخ ديدات الى أستراليا
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت يوليو 07, 2012 9:44 am من طرف Basher12
» إفتتاح المنتدى الجديد
الجمعة يوليو 06, 2012 6:44 am من طرف مدير المنتدى
» دراسة ماستر الصيدلة فى نيوكاسل
الثلاثاء يونيو 26, 2012 1:22 am من طرف أم عبدالله
» ماذا عن التقنية الطبية ؟؟؟؟
الجمعة يونيو 22, 2012 1:22 am من طرف bent libya
» اريد مساعدة
الخميس يونيو 14, 2012 12:45 pm من طرف بلقاسم السني
» رفرفي يااعلام الامريكان ..لما لا . فلقد حق لكي ذلك .
الخميس يونيو 07, 2012 11:02 pm من طرف نورس الجبل
» التاشيرة الاسترالية
الأربعاء أبريل 04, 2012 7:39 pm من طرف Faisal
» حول مدينة بيرث
الجمعة فبراير 17, 2012 12:42 am من طرف المسمارى
» أيها الأخوه لا يفوتكم هذا العرض
الأربعاء فبراير 15, 2012 8:52 pm من طرف saudi2000